1 - دولة القانون واستقلال القضاء

إن إرساء دعائم دولة القانون والمؤسسات وتعزيزها من الخيارات التي تأسس عليها تغيير السابع من نوفمبر 1987. وفي هذا الإطار، توالت الإصلاحات الهادفة الى ترسيخ هذا الخيار في النصّ والممارسة بما يضمن علوية القانون وضمان الحرّيات الأساسية للأفراد:

• ولقد كرّس الإصلاح الدستوري الجوهري الذي أقرّه القانون الدستوري عدد 51 لسنة 2002 المؤرخ في 1 جوان 2002 المتعلق بتنقيح بعض أحكام من الدستور قيام الجمهورية التونسية على مبادئ دولة القانون. فنصت الفقرة الثانية من الفصل 5 (جديد) من الدستور على ما يلي : "تقوم الجمهورية التونسية على مبادئ دولة القانون والتعددية وتعمل من أجل كرامة الإنسان وتنمية شخصيته".

• وبحكم المنزلة الهامّة التي يتبوّأها القضاء في دولة القانون فقد كرّس دستور الجمهورية التونسية مبدأ استقلال السلطة القضائية إذ نصّ الفصل 65 منه على أن "القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون".
• ووفق أحكام الفصل 67 من الدستور، يسهر المجلس الأعلى للقضاة الذي يحدد القانون صلاحياته وتركيبته على احترام الضمانات الممنوحة إلى القضاة في مجالات التعيين والترقية والنقل والتأديب.
• كما يضبط القانون الأساسي عدد 29 لسنة 1967، المؤرخ في 14 جويلية 1967 النظام الأساسي للقضاة وينظم استقلالهم. ويلزم الفصل 23 من هذا القانون القضاة بأن يحكموا بالعدل والإنصاف، بعيدا عن الاعتبارات الشخصية أو المصلحية.
• وحرصا على تطوير إدارة القضاء في تونس بما يضمن إقامة العمل وتكريس حق المواطن في قضاء عادل وناجز فقد تم إدخال أبرز الإصلاحات التالية :

1-1 - إلغاء محكمة أمن الدولة وخطة الوكيل العام للجمهورية (1987)، إقرارا لوحدة القضاء ودعما لاستقلاله وحذفا لكل قضاء استثنائي.
1-2 - إحداث المجلس الدستوري المكلف بمراقبة مطابقة القوانين لأحكام الدستور (1987)، وأدخلت على النص المتعلق بإنشائه تنقيحات متوالية لتعزيز صلاحياته وكيفية ممارستها.
وقد تمّ سنة 1995، إدراج المجلس الدستوري في نص الدستور، فارتقى بذلك إلى منزلة هيئة دستورية. وفي عام 1998، صدر القانون الدستوري عدد 76 لسنة 1998، المتعلق بتنقيح الفصل 75 من الدستور والذي يجعل آراء المجلس الدستوري ملزمة لجميع السلطات العمومية.
1-3 - إدخال إصلاحات على القضاء الإداري (1996)، قصد تدعيم حقوق الدفاع من خلال اعتماد مبدإ التقاضي على درجتين لدى المحكمة الإدارية في مجال الطعن من أجل تجاوز السلطة، وتقريب القضاء الإداري من المواطن بتنظيم جلسات دورية بالجهات، والإحداث التدريجي لدوائر فرعية للمحكمة الإدارية، وكذلك بإنشاء مجلس قضائي مختص بالنظر في تنازع الاختصاص بين القضاء الإداري والقضاء العدلي.
1-4 - إصدار القانون عدد 51 لسنة 1993 المؤرخ في 3 ماي 1993 المتعلق بمصالح الموفق الإداري الذي تتمثّل مهمّته في التوسط بين الإدارة والمواطن. وقد تمّ إتمام هذا القانون بإصدار القانون عدد 16 لسنة 2000، المؤرخ في 7 فيفري 2000، المتعلق بتعيين ممثلين جهويين للموفق الإداري.
1-5 - مصادقة تونس، بدون أي تحفظ على اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانيّة أو المهينة (1988)، وتنقيح المجلّة الجنائيّة بإضافة أحكام تتّصل بتعريف جريمة التعذيب، تلاؤما مع الاتفاقية الأمميّة المذكورة (1999).
1-6 - إلغاء عقوبة الأشغال الشاقة (1989) التي أصبحت تعوّض آ ليا بالسجن لمدة مساوية.
1-7 - إصدار القانون المتعلق بإلغاء التشغيل الإصلاحي والخدمة المدنية (1995).
1-8 - تعديل النظام القانوني للإيقاف التحفظي والاحتفاظ وذلك بضبط الشروط وتحديد الفترات المتعلقة بهما، من خلال تنقيحات أدخلت على مجلة الإجراءات الجزائية على التوالي سنة 1987 وسنة 1993 وسنة 1999 :

1-8-1 - فتمّ صدور قانون 26 نوفمبر 1987، المتعلّق بتنقيح فصول من مجلة الاجراءات الجزائية المنظمة للاحتفاظ والإيقاف التحفظي.
1-8-2 - ثمّ صدر قانون 22 نوفمبر 1993، المتعلق بتنقيح وإتمام بعض الفصول من مجلة الإجراءات الجزائية، بهدف التخفيض من مدة الإيقاف التحفظي وإرساء آلية استرداد الحقوق بحكم القانون.
1-8-3 - وتلاه صدور القانون عدد 90 لسنة 1999 المؤرخ في 2 أوت 1999، المتعلق بتنقيح وإتمام بعض أحكام مجلة الإجراءات الجزائية، والذي ينص على أنه لا يمكن لمأموري الضابطة العدلية الاحتفاظ بذي الشبهة لمدة تتجاوز ثلاثة أيام، وعليهم أن يعلموا بذلك وكيل الجمهورية، الذي يمكنه التمديد، كتابيا، في أجل الاحتفاظ لمدة ثلاثة أيام أخرى، وذلك بعد أن كانت مدة الاحتفاظ 10 أيام في جملتها. كما عزز القانون الضمانات المحيطة بالاحتفاظ، كالإعلام الوجوبي لأحد أفراد العائلة عند الإيقاف، والإعلام الوجوبي لذي الشبهة بسبب الإجراء المتخذ ضده والضمانات التي يخوّلها له القانون، وتحديد التنصيصات التي يجب أن تتضمنها سجلات الإيقاف في ضوء تلك الضمانات.
1-9 - إقرار المجلس الأعلى للقضاء (31 جويلية 1996) للتوصيات التالية من أجل أن يتّسم عمل العدالة بالمزيد من الروح الإنسانية والسرعة :

• العمل على عدم الإذن بالإيقاف التحفظي إلا في صورة وجود أسباب جدّية تمنع بقاء المتهم في حالة سراح.
• سرعة الفصل في قضايا الموقوفين.
• العمل قدر الإمكان على تفادي العقوبات السجنية قصيرة المدة.
• الاتجاه أكثر نحو العقاب السجني مؤجّل التنفيذ، عند توفّر الشروط لذلك، بدل اللجوء إلى العقوبات السجنية الفورية التنفيذ.
• اللجوء أكثر ما يمكن إلى نظام السراح بضمان.

 

الصفحة : 1 - - - - - -